إن للأخلاق في دين الإسلام من شأن عظيم ومكانة عالية حيث دعا الإسلام
المسلمين إلى التحلي بها وتنميتها في نفوسهم لأنها أحد الأصول الأربعة التي
يقوم عليها دين الإسلام ، الإيمان والأخلاق، والعبادات، والمعاملات، ولذا
نالت العناية الفائقة الكبرى والمنزلة العالية الرفيعة في كتاب الله عز وجل
وسنة رسوله وهناك ارتباط وثيق بين الأخلاق والإيمان، وكل عمل يقوم به
العبد المسلم يحتاج إلى الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة ولاشك أن من فقد
الإيمان والتقوى فقد فقد تلك الأخلاق ، وكلما كان المؤمن أكمل أخلاقاً كان
أكثر إيماناً .والالتزام بمكارم الأخلاق فيه تقوية لإرادة الإنسان وتمرينها
على حب الخير وفعله والبعد عن الشر وتركه ، وبذلك تتحقق سعادة القلب ،
وعلى رأس تلك الأخلاق : الصدق ، الصبر ، الأمانة ، التواضع وغيرها.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في التحلي بالأخلاق الكريمة والصفات الحسنة ، والتي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع والأمة .
بل إن الأخلاق الكريمة تدعو إليها الفطر السليمة، والعقلاء يجمعون على أن الصدق والوفاء بالعهد والجود والصبر والشجاعة وبذل المعروف أخلاق فاضلة يستحق صاحبها التكريم والثناء، وأن الكذب والغدر والجبن والبخل أخلاق سيئة يذم صاحبها. والدعوة إلى توحيد الله عز وجل وإخلاص العمل له وإلى دينه تحتاج إلى الأخلاق الحميدة، والصفات الحسنة، ويصعب توفر تلك الأخلاق فيمن يفقد الإيمان والتقوى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ أفضل من دعا إلى الله تعالى بأخلاقهم الإسلامية الحميـدة وصفاتهـم الحسنـة ، قال الله تعالى ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله وضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود )) محمد 29
فحاجة المؤمن إلى الاقتداء بهم كحاجته إلى الطعام والشراب بل أشد، وأهداف العقيدة السليمة يرأسها دعوة العبد إلى التحلي بالأخلاق الحسنة ليفوز بسعادة الدارين، قال الله تعالى ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً )) الأحزاب الاية29
فالعقيدة هي التي تقود العبد ، فإذا صحت العقيدة وكمل الإيمان حسنت الأخلاق والعكس يؤدي به إلى التخلق بالأخلاق السيئة والأفعال القبيحة،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن )) متفق عليه.
وقد يتصور بعض الناس أن حسن الخلق محصور في الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة فقط، والحقيقة أن حسن الخلق أوسع من ذلك فهو يعني إضافة إلى الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، التواضع وعدم التكبر ولين الجانب، ورحمة الصغير واحترام الكبير ، ودوام البشر وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة وإصلاح ذات البين والتواضع والصبر والحلم والصدق وغير ذلك من الأخلاق الحسنة والأفعال الحميدة التي حث عليها الإسلام ورغب فيها.
إن أي مجتمع لا يمكن أن يعيش أفرادها بأمان وانسجام ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة. فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يستغني عنها أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية؛ لأن بها يتم إصلاح الفرد الذي هو الخطوة الأولى في إصلاح المجتمع كله، وصدق القائل:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إذ كيف يكون هناك ثقة متبادلة بين أفراد المجتمع لولا فضيلة الصدق التي أساس الإسلام، وعقد الحياة في حياة الإسلام الاجتماعية.
وكيف يكون تعايش بين الناس في أمن وسلام لولا فضيلة الأمانة . وكيف نتصور مجتمعا مثاليا، قادرا على قيادة العالم نحو الأفضل بدون مكارم الأخلاق؟ إذا فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية في كل عصر من العصور حتى تصير أفراد المجتمع أفرادا مسئولا وواعيا.
فالفرد المتخلق بمكارم الأخلاق لابد أن يؤدي ما عليه من حقوق اللّه عز وجل، وحقوق الناس، فإن كان موظفا أو مسؤولا فلابد أن يتقي اللّه في رعيته وفي أسرته، وأن يؤدي لكل ذي حق حقه . فكل إنسان مكلف ومأمور بالتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإحياء سنته الشريفة.
و نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم - الذي يجسد أخلاق القرآن العالية - ما أثر في أصحابه ومجتمعه إلا بأخلاقه السامية. فقد استطاع - بخلقه العالية - أن يغير قبائل العرب من أخلاق البداوة والتوحش إلى أخلاق السيادة والقيادة، حتى صاروا أعظم خَلق في العالم. ألا ترى هذه الأقوام المختلفة البدائية في هذه الصحراء الشاسعة المتعصبين لعاداتهم المعاندين في عصبيتهم وخصامهم كيف رفع هذا الشخص جميع أخلاقهم السيئة البدائية وقلعها في زمان قليل دفعة واحدة ؟ وجهزهم بأخلاق حسنة عالية؛ فصيرهم معلمي العالم الإنساني وأساتيذ الأمم المتمدنة؟!
وبأخلاقه السامية أيضا غلب على الأفكار، وتحبب إلى الأرواح، وتسلط على الطبائع وقلع من أعماق قلوبهم العادات والأخلاق الوحشية المألوفة الراسخة المستمرة الكثيرة . ثم غرس في موضعها في غاية الأحكام والقوة – كأنها اختلطت بلحمهم ودمهم - أخلاقا عالية وعادات حسنة .. وقد بدل قساوة قلوب قوم خامدين في زوايا الوحشة بحسيات رقيقة وأظهر جوهر إنسانيتهم، ثم أخرجهم من زوايا النسيان ورقى بهم إلى أوج المدنية وصيرهم معلمي عالمهم وأسس لهم دولة عظيمة في زمن قليل. فأصبحت كالشعلة الجوالة والنور النوار بل كعصا موسى تبتلع سائر الدول وتمحوها. فاظهر صدقه ونبوته وتمسكه بالحق إلى كل من لم تعم بصيرته.
والتحلي بمكارم الأخلاق يؤدي إلى إزالة كثير من الأمراض المنتشرة في المجتمع، إن الصدق هو أساس الإسلام ... فعلينا إذا أن نحيي الصدق الذي هو حجر الزاوية في حياتنا الاجتماعية في نفوسنا ونداوي به أمراضنا.
كما أن الصدق أروج مال وأقوم متاع بل هو مفتاح جميع الحقائق ومرقاة عروج محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى أعلى العليين.
وأنه لا نجاة ولا سعادة إلا التمسك بحقائق الإسلام التي تتمثل في التحلي بمكارم الأخلاق واتباع شريعته، يقول أحد العلماء: "... لا سعادة لأمة الإسلام إلا بتحقيق حقائق الإسلام وإلا فلا، ولا يمكن أن تذوق الأمة السعادة في الدنيا أو تعيش حياة اجتماعية فاضلة إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية، إلا فلا عدالة قطعا ولا أمان مطلقا إذ تتغلب عندئذ الأخلاق الفاسدة والصفات الذميمة، ويبقى الأمر معلقا بيد الكذابين والمرائين.
كما أن التزام الناس بمكارم الأخلاق يؤدي إلى تقدم المجتمع وسعادته، وأن الغرب ما تفوقوا علينا إلا باتخاذهم ببعض المكارم التي يأمر به ديننا الحنيف.
وهنا نتذكر ببالغ الأسى والأسف إلى أن قسما من الأجانب كما سلبوا أموالنا الثمينة وأوطاننا بثمن بخس دراهم معدودة مزورة كذلك فقد سلبوا منا قسما من أخلاقنا الرفيعة وسجايانا الحميدة والتي بها يترابط مجتمعنا، وجعلوا تلك الخصال الحميدة محورا لرقيهم وتقدمهم، ودفعوا إلينا نظير ذلك رذائل طبائعهم وسفاهة أخلاقهم.
فمثلا: إن السجية الملية التي أخذوها منا هي قول واحد منهم : "إن مت فلتحيا أمتي، فإن لي حياة باقية" هذه السجية أقوى أساس وأمتنه لرقيهم وتقدمهم قد سرقوها منا؛ إذ هذه الكلمة إنما تنبع من الدين الحق ومن حقائق الإيمان، فهي لنا وللمؤمنين جميعا.
بينما دخلت فينا أخلاق رذيلة وسجايا فاسدة فترى ذلك الأناني الذي فينا يقول: "إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر" و: "إن لم أر السعادة فعلى الدنيا العفاء" ... فهذه الكلمة الحمقاء إنما تنبع من عدم وجود الدين ومن عدم معرفة الآخرة، فهي دخيلة علينا تسمّمنا.
ثم إن تلك السجية الغالية عندما سرت إلى الأجانب اكتسبت كل فرد منهم قيمة عظيمة حتى كأنه أمة واحدة؛ لأن قيمة الشخص بهمّته، فمن كانت همته أمته فهو بذاته أمة صغيرة... وبحكم أخذنا الأخلاق الفاسدة من الأجانب فإن هناك من يقول:
نفسي نفسي مع ما في أمتنا الإسلامية من سمو وقدسية. فألف رجل مثل هذا الشخص الذي لا يفكر إلا بمصلحته الشخصية ولا يبالي بمصلحة الأمة إنما ينزل بمنزلة شخص واحد.
كما أن التزام الناس بمبدأ الشورى يؤدي إلى انتشار الإخلاص والتساند في المجتمع ومن درر كلام بعض العلماء في هذا المبدأ:
".. إن الشورى الحق تولد الإخلاص والتساند، إذ إن ثلاث ألفات هكذا (111) تصبح مائة وإحدى عشرة، فإنه بالإخلاص والتساند الحقيقي يستطيع ثلاثة أشخاص أن يفيدوا أمتهم فائدة مائة شخص. ويخبرنا التاريخ بحوادث كثيرة أن عشرة رجال يمكنهم أن يقوموا بما يقوم به ألف شخص بالإخلاص والتساند الحقيقي والشورى فيما بينهم.
و التحلي بمكارم الأخلاق يدفع إلى الاعتزاز بالنفس والتواضع في نفس الوقت والترفع عن السفاسف، ومن شأن امتزاج كثرة من تلك الأخلاق وتجمعها وإحاطتها توليد عزة نفس التي تولد شرفا ووقارا يترفعان عن سفاسف الأمور، كترفع الملائكة وتنزههم عن الاختلاط بالشياطين.
وليعلم أن أسلافنا لم ينجحوا في مهمتهم الدعوية إلا بأخلاقهم السامية، وأن المسلمين اليوم لو تشبعوا بأخلاق القرآن لساد الإسلام في العالم ولدخل الناس في دين اللّه أفواجا. ولو أننا أظهرنا بأفعالنا وسلوكنا مكارم الأخلاق الإسلام وكمال حقائق الإيمان لدخل أتباع الأديان الأخرى في الإسلام جماعات وأفواجا. بل لربما رضخت دول العالم وقاراته للإسلام.
وما ذكرنا بعض الأمور والتي تقوي بعضها بعضا كالبنيان المرصوص تؤكد أن الأخلاق له أثر بالغ في الفرد وعلى المجتمع، وهو ضرورة اجتماعية، وأنه لا يمكن لأي مجتمع يريد التوازن في حياته أن يعيش بدونها، وأن التحلي بمكارم الأخلاق يؤدي إلى سعادة المجتمع وتقدمه وانسجامه والاعتزاز بالنفس والتواضع، وأن أي خلل فيها، يؤدي إلى خلل في المجتمع وفساده وأن الأمة الإسلامية لو التزموا بمكارم الأخلاق التي يدعو إليها الإسلام لأصبحوا سادة العالم، ولما بقي أحد على وجه الأرض إلا وتبنى هذا الدين. وأن هذه الخصال الحميدة تبقى حصنا حصينا للمسلم في هذا الوقت الذي يتسم بالدمار، أخلاقيا وروحيا، وبإثارة هوى النفس الأمارة بالسوء وبإطلاق الهوى من عقالها.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في التحلي بالأخلاق الكريمة والصفات الحسنة ، والتي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع والأمة .
بل إن الأخلاق الكريمة تدعو إليها الفطر السليمة، والعقلاء يجمعون على أن الصدق والوفاء بالعهد والجود والصبر والشجاعة وبذل المعروف أخلاق فاضلة يستحق صاحبها التكريم والثناء، وأن الكذب والغدر والجبن والبخل أخلاق سيئة يذم صاحبها. والدعوة إلى توحيد الله عز وجل وإخلاص العمل له وإلى دينه تحتاج إلى الأخلاق الحميدة، والصفات الحسنة، ويصعب توفر تلك الأخلاق فيمن يفقد الإيمان والتقوى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ أفضل من دعا إلى الله تعالى بأخلاقهم الإسلامية الحميـدة وصفاتهـم الحسنـة ، قال الله تعالى ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله وضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود )) محمد 29
فحاجة المؤمن إلى الاقتداء بهم كحاجته إلى الطعام والشراب بل أشد، وأهداف العقيدة السليمة يرأسها دعوة العبد إلى التحلي بالأخلاق الحسنة ليفوز بسعادة الدارين، قال الله تعالى ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً )) الأحزاب الاية29
فالعقيدة هي التي تقود العبد ، فإذا صحت العقيدة وكمل الإيمان حسنت الأخلاق والعكس يؤدي به إلى التخلق بالأخلاق السيئة والأفعال القبيحة،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن )) متفق عليه.
وقد يتصور بعض الناس أن حسن الخلق محصور في الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة فقط، والحقيقة أن حسن الخلق أوسع من ذلك فهو يعني إضافة إلى الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، التواضع وعدم التكبر ولين الجانب، ورحمة الصغير واحترام الكبير ، ودوام البشر وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة وإصلاح ذات البين والتواضع والصبر والحلم والصدق وغير ذلك من الأخلاق الحسنة والأفعال الحميدة التي حث عليها الإسلام ورغب فيها.
إن أي مجتمع لا يمكن أن يعيش أفرادها بأمان وانسجام ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة. فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يستغني عنها أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية؛ لأن بها يتم إصلاح الفرد الذي هو الخطوة الأولى في إصلاح المجتمع كله، وصدق القائل:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إذ كيف يكون هناك ثقة متبادلة بين أفراد المجتمع لولا فضيلة الصدق التي أساس الإسلام، وعقد الحياة في حياة الإسلام الاجتماعية.
وكيف يكون تعايش بين الناس في أمن وسلام لولا فضيلة الأمانة . وكيف نتصور مجتمعا مثاليا، قادرا على قيادة العالم نحو الأفضل بدون مكارم الأخلاق؟ إذا فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية في كل عصر من العصور حتى تصير أفراد المجتمع أفرادا مسئولا وواعيا.
فالفرد المتخلق بمكارم الأخلاق لابد أن يؤدي ما عليه من حقوق اللّه عز وجل، وحقوق الناس، فإن كان موظفا أو مسؤولا فلابد أن يتقي اللّه في رعيته وفي أسرته، وأن يؤدي لكل ذي حق حقه . فكل إنسان مكلف ومأمور بالتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإحياء سنته الشريفة.
و نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم - الذي يجسد أخلاق القرآن العالية - ما أثر في أصحابه ومجتمعه إلا بأخلاقه السامية. فقد استطاع - بخلقه العالية - أن يغير قبائل العرب من أخلاق البداوة والتوحش إلى أخلاق السيادة والقيادة، حتى صاروا أعظم خَلق في العالم. ألا ترى هذه الأقوام المختلفة البدائية في هذه الصحراء الشاسعة المتعصبين لعاداتهم المعاندين في عصبيتهم وخصامهم كيف رفع هذا الشخص جميع أخلاقهم السيئة البدائية وقلعها في زمان قليل دفعة واحدة ؟ وجهزهم بأخلاق حسنة عالية؛ فصيرهم معلمي العالم الإنساني وأساتيذ الأمم المتمدنة؟!
وبأخلاقه السامية أيضا غلب على الأفكار، وتحبب إلى الأرواح، وتسلط على الطبائع وقلع من أعماق قلوبهم العادات والأخلاق الوحشية المألوفة الراسخة المستمرة الكثيرة . ثم غرس في موضعها في غاية الأحكام والقوة – كأنها اختلطت بلحمهم ودمهم - أخلاقا عالية وعادات حسنة .. وقد بدل قساوة قلوب قوم خامدين في زوايا الوحشة بحسيات رقيقة وأظهر جوهر إنسانيتهم، ثم أخرجهم من زوايا النسيان ورقى بهم إلى أوج المدنية وصيرهم معلمي عالمهم وأسس لهم دولة عظيمة في زمن قليل. فأصبحت كالشعلة الجوالة والنور النوار بل كعصا موسى تبتلع سائر الدول وتمحوها. فاظهر صدقه ونبوته وتمسكه بالحق إلى كل من لم تعم بصيرته.
والتحلي بمكارم الأخلاق يؤدي إلى إزالة كثير من الأمراض المنتشرة في المجتمع، إن الصدق هو أساس الإسلام ... فعلينا إذا أن نحيي الصدق الذي هو حجر الزاوية في حياتنا الاجتماعية في نفوسنا ونداوي به أمراضنا.
كما أن الصدق أروج مال وأقوم متاع بل هو مفتاح جميع الحقائق ومرقاة عروج محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى أعلى العليين.
وأنه لا نجاة ولا سعادة إلا التمسك بحقائق الإسلام التي تتمثل في التحلي بمكارم الأخلاق واتباع شريعته، يقول أحد العلماء: "... لا سعادة لأمة الإسلام إلا بتحقيق حقائق الإسلام وإلا فلا، ولا يمكن أن تذوق الأمة السعادة في الدنيا أو تعيش حياة اجتماعية فاضلة إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية، إلا فلا عدالة قطعا ولا أمان مطلقا إذ تتغلب عندئذ الأخلاق الفاسدة والصفات الذميمة، ويبقى الأمر معلقا بيد الكذابين والمرائين.
كما أن التزام الناس بمكارم الأخلاق يؤدي إلى تقدم المجتمع وسعادته، وأن الغرب ما تفوقوا علينا إلا باتخاذهم ببعض المكارم التي يأمر به ديننا الحنيف.
وهنا نتذكر ببالغ الأسى والأسف إلى أن قسما من الأجانب كما سلبوا أموالنا الثمينة وأوطاننا بثمن بخس دراهم معدودة مزورة كذلك فقد سلبوا منا قسما من أخلاقنا الرفيعة وسجايانا الحميدة والتي بها يترابط مجتمعنا، وجعلوا تلك الخصال الحميدة محورا لرقيهم وتقدمهم، ودفعوا إلينا نظير ذلك رذائل طبائعهم وسفاهة أخلاقهم.
فمثلا: إن السجية الملية التي أخذوها منا هي قول واحد منهم : "إن مت فلتحيا أمتي، فإن لي حياة باقية" هذه السجية أقوى أساس وأمتنه لرقيهم وتقدمهم قد سرقوها منا؛ إذ هذه الكلمة إنما تنبع من الدين الحق ومن حقائق الإيمان، فهي لنا وللمؤمنين جميعا.
بينما دخلت فينا أخلاق رذيلة وسجايا فاسدة فترى ذلك الأناني الذي فينا يقول: "إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر" و: "إن لم أر السعادة فعلى الدنيا العفاء" ... فهذه الكلمة الحمقاء إنما تنبع من عدم وجود الدين ومن عدم معرفة الآخرة، فهي دخيلة علينا تسمّمنا.
ثم إن تلك السجية الغالية عندما سرت إلى الأجانب اكتسبت كل فرد منهم قيمة عظيمة حتى كأنه أمة واحدة؛ لأن قيمة الشخص بهمّته، فمن كانت همته أمته فهو بذاته أمة صغيرة... وبحكم أخذنا الأخلاق الفاسدة من الأجانب فإن هناك من يقول:
نفسي نفسي مع ما في أمتنا الإسلامية من سمو وقدسية. فألف رجل مثل هذا الشخص الذي لا يفكر إلا بمصلحته الشخصية ولا يبالي بمصلحة الأمة إنما ينزل بمنزلة شخص واحد.
كما أن التزام الناس بمبدأ الشورى يؤدي إلى انتشار الإخلاص والتساند في المجتمع ومن درر كلام بعض العلماء في هذا المبدأ:
".. إن الشورى الحق تولد الإخلاص والتساند، إذ إن ثلاث ألفات هكذا (111) تصبح مائة وإحدى عشرة، فإنه بالإخلاص والتساند الحقيقي يستطيع ثلاثة أشخاص أن يفيدوا أمتهم فائدة مائة شخص. ويخبرنا التاريخ بحوادث كثيرة أن عشرة رجال يمكنهم أن يقوموا بما يقوم به ألف شخص بالإخلاص والتساند الحقيقي والشورى فيما بينهم.
و التحلي بمكارم الأخلاق يدفع إلى الاعتزاز بالنفس والتواضع في نفس الوقت والترفع عن السفاسف، ومن شأن امتزاج كثرة من تلك الأخلاق وتجمعها وإحاطتها توليد عزة نفس التي تولد شرفا ووقارا يترفعان عن سفاسف الأمور، كترفع الملائكة وتنزههم عن الاختلاط بالشياطين.
وليعلم أن أسلافنا لم ينجحوا في مهمتهم الدعوية إلا بأخلاقهم السامية، وأن المسلمين اليوم لو تشبعوا بأخلاق القرآن لساد الإسلام في العالم ولدخل الناس في دين اللّه أفواجا. ولو أننا أظهرنا بأفعالنا وسلوكنا مكارم الأخلاق الإسلام وكمال حقائق الإيمان لدخل أتباع الأديان الأخرى في الإسلام جماعات وأفواجا. بل لربما رضخت دول العالم وقاراته للإسلام.
وما ذكرنا بعض الأمور والتي تقوي بعضها بعضا كالبنيان المرصوص تؤكد أن الأخلاق له أثر بالغ في الفرد وعلى المجتمع، وهو ضرورة اجتماعية، وأنه لا يمكن لأي مجتمع يريد التوازن في حياته أن يعيش بدونها، وأن التحلي بمكارم الأخلاق يؤدي إلى سعادة المجتمع وتقدمه وانسجامه والاعتزاز بالنفس والتواضع، وأن أي خلل فيها، يؤدي إلى خلل في المجتمع وفساده وأن الأمة الإسلامية لو التزموا بمكارم الأخلاق التي يدعو إليها الإسلام لأصبحوا سادة العالم، ولما بقي أحد على وجه الأرض إلا وتبنى هذا الدين. وأن هذه الخصال الحميدة تبقى حصنا حصينا للمسلم في هذا الوقت الذي يتسم بالدمار، أخلاقيا وروحيا، وبإثارة هوى النفس الأمارة بالسوء وبإطلاق الهوى من عقالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق